السبت، 10 ديسمبر 2011

أفـلام الكـرتـون


إن الأسرة هي البيئة الأولى للطفل وهي المحتضنة الأساسية لمواهبه ، حيث من المفروض أن توفر له كل الأدوات و الوسائل المعنوية و المادية اللازمة لتطوير ما أودعه الله فيه من ملكات ، و هذا أبسط ما يمكن أن تقدمه الأسرة لطفلها حتى تكتشف ميوله وتعد فترة ما قبل دخول المدرسة فترة طويلة في حياة الطفل وهي مرحلة تكوين لشخصية هذا الطفل فلا ينبغي أن نهملها ونتعامل معها بمثل هذا التقصير الواضح , فجلوس الطفل لفترات طويلة أمام الفيلم الكرتوني يترتب عليه أضرار كثيرة فمن خلال متابعتي لأفلام كرتون وقنوات الأطفال وجدت أنها تعرض لهم ما يخل بعقيدتهم وبأخلاقهم وأيضا بتفكيرهم وبهذا تصبح أفلام الكرتون وسيلة من وسائل الغزو الفكري التي تدس السم في العسل.
يخطئ كثيرون ممن يهوِّنون من أمر أفلام الرسوم المتحركة " الكارتون " التي تنطلق سائبة بلا زمام عبر القنوات التلفزيونية ، والأشرطة المتداولة , إذ أن خطر هذه الأفلام أصبح يمس العقائد والأخلاق ، ويبث سموماً من التصورات الخاطئة في أذهان الناشئة الذين غفل عنهم الرقيب .
أثار الرسوم المتحركة :
1- تنمية الحس الجمالي لدى الطفل إذ تعطي إحساسا باللون والشكل والموسيقى وتناسق الحركة .
2- تنمية الخيال بأنواعه سواء القصصي أو الدرامي .. والخيال حاجة أساسية من حاجات الطفل شرط أن لا يكون سليبا لا يحمل قيمة أو يغرس فضيلة .
3- تنمية الشعور الوطني من خلال الحث على حب الوطن والتضحية في سبيله .
4- تعزيز الشعور الديني وتنمية المشاعر والوجدانيات وقد ظهرت- وهذا ما يدعو للتفاؤل- بعض الشركات في العالم العربي ممن أنتجوا أفلاما من التراث .
5- تنمية الثروة اللفظية لدى الطفل مما يمنحه القدرة على التعبير وفهم اللغة العربية الفصحى أكثر وقد قال احد التربويين السوريين : أن الطفل يتعلم في أفلام الرسوم المتحركة أكثر مما يتعلمه في الكتب المتخصصة في القواعد والنحو .
6- لأفلام الرسوم المتحركة دور مهم في غرس القيم التربوية عند الأطفال فهي تقدم أمثلة عن الصدق , الوفاء , التعاون , مساعدة المحتاجين وغيرها الكثير .
7- تفرغ الرعب والخوف السلبيين من ذهن الطفل عن طريق عرض شخصيات مرعبة نوعا ما لكن أبطال الرسوم المتحركة ينتصرون عليها بسهولة .
  
سلبيات أفلام الكرتون و الرسوم المتحركة :
1- تقليد الطفل لمل يراه أمامه صوتا وصورة .. وهذا ايجابي لو كان ما يعرض حسنا ولكن بعض المسلسلات يعرض أفكارا خطيرة سلبية لا تناسب مجتمعاتنا العربية .
2- على الصعيد الاجتماعي تكرس في الطفل الغلظة في المشاعر والبلادة في الأحاسيس وهذا ينعكس على الأسرة .
3- من آثارها الاجتماعية السلبية أيضا أنها تجعل الطفل عدوانيا مهيأ لمعالجة أمور حياته بعنف وعداء .
4- بعض من مسلسلات الأطفال يؤثر في مشاعر الطفل تجاه دينه ويوجهه إلى التسليم ببعض الأفكار المغلوطة .
5- من آثارها الفكرية السلبية أن بعضها يمجد اليهود ويثير الشفقة عليهم .
6 - إن مشاهدة التلفاز في سن مبكرة ‏للطفل‎ ‎تؤدي إلى عدم تركيزه كما تجعله كثير الحركة، والطفل أيضا تبهره الألوان ‏وسرعة‎ ‎الحركة في الأفلام الكرتونية فيميل إليها ويحب مشاهدتها بكثرة .‏
7 - تسبب مشكلات جسدية وصحية كثيرة يتعرض لها الطفل بسبب ‏مشاهدة التلفزيون لفترة طويلة من حيث وضعية ‏جسمه أثناء متابعته للتلفزيون .
8 - إن الأطفال من الممكن أن يتعرضوا لحالة من العزلة جراء ‏مشاهدة هذه البرامج ، وابتعادهم عن الألعاب التقليدية ، فضلا عن اضطرابات في النوم ‏وشعور بالتوتر .‏


فأفلام الكرتون تكتسي ثوبا أنيقا وطعما لذيذا يغذى بها أطفالنا على مرأى منا ومسمع فتأكل عقولهم وتجعلهم تابعين غير مبدعين .. إنها أفلام الكرتون المستوردة التي لن نقوى على حماية أطفالنا منها بالمنع والإكراه وهذا يعتبر وسيلة من وسائل الغزو الفكري .
لذلك يحذّر خبراء الطفولة من الجانب المظلم الذي تحتوي عليه أفلام الكارتون " الموجهة ‏للأطفال " خصوصا لما تشتمل عليه من مشاهد عنف تؤثر سلبا على الطفل ، مؤكدين أن ‏ذلك العنف أصبح بمثابة " الرسالة " في تلك البرامج ، مما يسهم في توجيه خيال الطفل إلى ‏عالم العنف والجريمة ، ويأخذه بعيدا عن القيم المهمة التي ينبغي أن تزرع فيه خلال ‏فترة الطفولة .‏

وحذر المجلس العربي للطفولة والتنمية في إحدى دراساته من أن برامج الرسوم ‏المتحركة المستوردة تؤثر في معظمها سلبا على الأطفال . ويعلل ذلك بأنها " لا تعكس ‏الواقع ولا القيم العربية " ، على اعتبار أن هذه البرامج تأتي حاملة لقيم البلاد التي ‏أنتجتها وتعكس ثقافتها فتغزو أطفالنا فكريا .‏

ويشبه العديد أفلام الكارتون الأجنبية بأنها سلاح يستهدف عقول الأطفال باعتبارها ‏من أخطر أنواع الأسلحة التي تفسد عقول الأطفال وتزرع فيهم الممارسات السيئة . ‏

ومن أبرز مسلسلات الكارتون التي بقيت في ذاكرة العديد من الأطفال في الدول ‏العربية : ‏
1 - مسلسل كرتوني بعنوان " البوكيمون " : حشرات أو شخصيات يعتمد عليها اللاعب للفوز ‏على اللاعب الآخر.‏

2 - مسلسل كرتوني باسم " أبطال الديجتال " وتم عرضه على عدة أجزاء .‏

3 - بات مان الرجل الوطواط يُقاتل الشر وينقذ الناس دائما قبل وقوع المصائب .‏
 4- سلاحف النينجا وغيرها من المسلسلات الكرتونية جلعت السيوف والرماح أمر عادي ‏وجميل أن يتصارعون بها .

أفلام الكرتون غزو فكري و سلوك عدواني :
تعتبر البرامج التلفزيونية وأفلام الكرتونية التي تنطوي على مشاهد عنف متنفسا لكثير من الأطفال لتفريغ انفعالاتهم ، ذلك أن تلك المشاهد لم تؤثر باتجاه نبذ العنف أو ‏تقليل الميل نحوه بل كانت على العكس من ذلك وهذا بحد ذاته غزوا فكريا عظيما لعقول الأطفال .

تأثير العنف في وسائل الإعلام على جمهور الأطفال:
1- أن الأطفال يتعلمون العنف من خلال ملاحظة أشخاص يقومون به في وسائل ‏الإعلام .‏
2- أن الأطفال الذين يتعرضون لوسائل الإعلام غالبا ما يقلدون العنف الواقعي وليس ‏العنف الخيالي .‏
3- أن حالات الإحباط النفسي هي الشرط الأساسي لتقليد العنف المتعلم من وسائل ‏الإعلام .‏
4- إن تكرار التعرض لمشاهد العنف في وسائل الإعلام يؤدي إلى انعدام الإحساس تجاه ‏العنف والسلوك العدواني بما يجعل الأطفال ميالون الى التسامح مع العنف بكل أنواعه .‏
5- لم يثبت علميا أن التعرض لمشاهد العنف في وسائل الإعلام يؤدي إلى التنفيس عن ‏المشاعر العدوانية المختزنة داخل نفس الطفل .‏


إن الرسالة الإعلامية تنطوي على عنف جسدي ‏ولفظي يمكنها تنمية العنف والسلوك العدواني لدى الأطفال ، ويتضح من ذلك أن الرسالة ‏التلفزيونية العنيفة تكسب الأطفال بعضا من مظاهر العنف والسلوك العدواني .‏

إن مشاهد العنف في برامج و أفلام الكرتون كالأعمال الحربية وموجات التمرد وحركة الإجرام ‏وغيرها تجعل الأطفال يشعرون أن الحياة مليئة بمثل هذه الأعمال ، بل تبدو مشاهد ‏العنف المعروضة على الشاشة وكأنها انعكاس للعالم الحقيقي، مما يجعل ايقاعات ‏حركتهم تتسم بالعنف . ‏

إن أفلام الكرتون التي تحمل رسالة ‏العنف ، وتحاكي خيال الأطفال ، وتبعدهم عن الواقع كثيرا ، تؤثر سلبا على عقلية الطفل ‏ونفسيته وعاطفته ، كما تؤثر على خلقه وسلوكه الذي يمكن أن يتغير كثيرا بمتابعته ‏لتلك البرامج .‏

وخصوصا أن المرحلة الأولى من عمر الطفل ‏حساسة جدا ، ويكون فيها الطفل قابلا للتأثر بالعالم الخارجي وما حوله من أفكار وقيم ، ‏خصوصاً الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين عام و3 أعوام .‏

إن الطفل خلال هذه المرحلة يخزن كل ما يراه ويسمعه في ذاكرته ، الأمر الذي ‏يؤثر على طريقة سلوكه وتصرفاته ، " فإذا اطلع على العنف ، فهو لا بد أن يمارسه مع ‏زملائه وإخوانه"  

الواجب على الأهل :
1 - مراقبة الأطفال ، وأن يدركوا أن عقلية الطفل ما تزال ‏غير ناضجة لفهم المشاهدات ومدى حقائقها، خصوصا عند مشاهدة المسلسلات الخيالية ‏البعيدة عن الواقع .

2 - متابعة الأطفال بحيث لا تزيد مدة مشاهدة برامج الأطفال على الساعة يوميا ، ‏مؤكدا أن على الأهل بيان السلبيات في تلك الأفلام ، ما قد يحد من عدائية وخيال الطفل .‏

3 - ضرورة التعرف على أصول تربية الطفل منذ الولادة ‏وذلك عن طريق القراءة أو‎ ‎البحث في شبكة المعلومات الالكترونية أو الاستعانة ‏بمتخصص في علم النفس من أجل‎ ‎تربية الطفل بشكل علمي حتى يتمكن من تجنب ‏المشاكل النفسية والعصبية التي تواجهه في‎ ‎الكبر .‏

4 - عدم ‏تعريض الأطفال دون الثالثة لأي ألعاب الكترونية أو مشاهدة‎ ‎أفلام الكرتون .‏

5 - ملاحظة المشاهد التلفزيونية التي تعرض على ‏الطفل من قبل أولياء الأمور .
6 - توعية الأطفال بأن هذا مشهد كرتوني غير واقعي ولا يمكن أن يحصل في الواقع وأنه قد يؤدي للموت لا سمح الله .

ولقد أثبتت الأبحاث والدراسات أن معدل جلوس الأطفال أمام التلفزيون هو حوالي 23 ‏ساعة أسبوعيا بما يتخلل ذلك من مشاهد عنيفة وخيالية مما يؤدي إلى حدوث نوع من ‏تبلد الإحساس لدى الطفل أي إن الطفل لا يستجيب انفعاليا لمشاهد يفترض أن تثير ‏الانفعال فلا يحزن من مشاهد الموت ولا يتأثر لمنظر الدماء وغير ذلك.

إن التلفزيون يحدث للطفل نوعاً من الخلط بين الواقع الافتراضي الذي ‏يعرض أمامه وبين الواقع الحقيقي الذي يعيشه، فعندما يشاهد الطفل بطل مسلسل ‏كرتوني تسقط عليه صخرة كبيرة ثم يرفعها عنه ويركض فهذا واقع افتراضي سيصدقه ‏الطفل وربما يقوم بإيذاء أخيه الصغير اعتقاداً منه أنه سيكون بخير ولن يحدث له ‏مكروه .


أما المشكلة الكبرى هي تطور الوضع مما يجعل بعض الأطفال يفرضون على الأسرة ‏بعض القيم التي استقوها من خلال ما يعرض عليهم في التلفزيون ، وبالتالي نستنتج من ‏ذلك أن تأثير الإعلام على الأطفال قوي جداً ويجب الحذر منه بشكل كبير ويجب فرض ‏مراقبة بشكل غير مباشر على ما يعرض للأطفال والمراهقين على السواء .‏

الفرق بين ‏نوعية الأفلام الكرتونية العربية والأجنبية :
 الأفلام الأجنبية تجذب الأطفال أكثر لأنها تستخدم ‏تكنولوجيا متقدمة في الغرافيك والرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد ، بينما الأعمال العربية ‏تفتقر إلى تلك التكنولوجيا المتقدمة ولا تستطيع التعامل معها لأنها مكلفة جدا، وبالتالي ‏فالأعمال العربية لن تستطيع منافسة الأجنبية على اجتذاب الطفل .‏
فالكرتون الأجنبي ‏يسوق بثقافة وحضارة المجتمعات الغربية ، وللأسف بسبب هذه الأعمال أصبح أطفالنا يجيدون ‏اللغة الانكليزية أكثر من العربية ويتخذون من ملابس ونمط حياة شخصيات الكارتون ‏نموذجا وقدوة .


إن الأطفال شديدي الحساسية قد يتأثرون بأي صورة يرونها في بيئتهم والتي قد تشكل جزءا كبيرا من اعتقاداتهم حول أنفسهم و حول الآخرين وقد تغير من تركيبتهم الشخصية ، وهو الأمر الذي يجعل من مراقبة الطفل و إرشاده حول ما يراه في التلفاز أمرا حتميا على الأبوين ، إلى جانب توفير بيئة صحية مليئة بالحب لتعزيز نموهم النفسي بالطريقة الصحيحة .
فعلى سبيل المثال قد يبقى الأطفال ساعات طويلة أمام التلفاز لمشاهدة الأفلام الكرتونية ، وقد يستغرق الطفل كل هذا الوقت في مشاهدة مثلا أميرة جميلة تملك جسما نحيلا . إن هذا الأمر قد يعمق في عقول هؤلاء الأطفال فكرة أن السعادة أو أن الجمال يكمن في امتلاك جسم جميل نحيل .
إن مشاهدة الطفل لهذه الفكرة قد تكون بداية حدوث مشكلة في تقدير الذات لدى هؤلاء الأطفال و التي قد تسبب عدة مشكلات صحية مع تقدمهم في العمر كإضطرابات الطعام ، ومع ذلك من المستحيل أن تحرم الطفل من مشاهدة هذه الأفلام المتحركة إلا أن الوسيلة الصحيحة لمعالجة الوضع هي بالاقتراب من الطفل و التصرف أمامه بشكل يعكس ما تريد من طفلك أن يفهمه وهو أن الجمال الداخلي هو الجمال الدائم ، ويمكنك أن تثبت ذلك لطفلك بالكلمات أو بالأفعال فمحبتك لطفلك و لعائلتك ليست بسبب مظهره و لكنه تحبه لنفسه.


المـراجـع :


إعداد / دعاء هاشم يوسف 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق