الاثنين، 12 ديسمبر 2011

استهداف المرأة ( رؤية واقعية معاصرة )



خطة البحث
المقدمة : وفيها بيان سبب اختيار هذا الموضوع ، وخطة البحث .
الباب الأول : المرأة في الحقيقة والواقع .
الفصل الأول : ثورة الإسلام للمرأة في الجاهلية والديانات السماوية المحرفة ، وحقيقتها في الغرب .
الفصل الثاني : مبررات وأسباب الغزو الفكري  .
الباب الثاني : الغزو الفكري للمرأة : الخطوة والحل .
الفصل الأول : مظاهر وآثار الغزو الفكري للمرأة .
الفصل الثاني : المواجهة والحلول .
الخاتمة : وفيها تلخيص عام لما قدم لهذا البحث ، وكيف قدم له .



المصادر
1-   التبرج والاحتساب عليه : د.عبيد بن عبد العزيز بن عبيد العبيد .الرياض : مكتبة الحرمين . 1407هـ .
2-   حركة التغريب في السعودية . تغريب المرأة أنموذجاً : د.عبد العزيز بن أحمد البداح . القاهرة : المركز العربي للدراسات الإنسانية . 2010م .
3-   عودة الحجاب . القسم الأول : معركة الحجاب والسفور : محمد أحمد إسماعيل المقدم . الرياض : دار طيبة للنشر والتوزيع . 1427هـ .
4-   أساليب العلمانين في تغريب المرأة المسلمة : د.بشر بن فهد البشر . الرياض : دار المسلم للنشر والتوزيع . 1415هـ .
5-   تحرير المرأة بين الغرب والإسلام : د.محمد عمارة .القاهرة : مكتبة الإمام البخاري للنشر والتوزيع . 1430هـ .
6-   تحرير المرأة في عصر الرسالة . الجزء الأول : معالم شخصية المرأة المسلمة : عبد الحليم أبو شقة . الكويت : دار القلم للنشر والتوزيع . 1420هـ .
7-   الغزو الفكري وهم أم حقيقة : د.محمد عمارة . القاهرة : الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف . 2003م .
8-   المرأة والرجل وخصوم الإسلام : محمد متولي الشعراوي . الإسكندرية : دار الندوة للنشر .
9-   أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي : د.علي محمد جريشة ، محمد شريف الزيبق . القاهرة : دار الاعتصام . 1399هـ .
10-                      الغزو الفكري أهدافه ووسائله : د.عبد الصبور مرزوق . مكة : مؤسسة مكة للطباعة والإعلام . 1394هـ .
11-                      المرأة بين شريعة الإسلام والحضارة الغربية : وحيد الدين خان . القاهرة : دار الصحوة للنشر والتوزيع . 1414هـ .






المقدمة
الحمد لله المتفضل علينا بنعمائه ، والصلاة والسلام على رسوله المبعوث رحمة لعباده ؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .           وبعد :
فإني أحمد الله حمداً كثيراً على ما من به علي في إعداد هذا العمل في تلك الفترة الزمنية المحدودة ، والذي اخترت له موضوع المرأة ؛ ذلك أنه كثر الجدل حولها في مواضيع مسلم بها لدينا زعمها أصحاب الطرف الآخر في سبيل لاقتلاعها بإثارة الشكوك حولها تحقيقاً للمخططات المنظمة الخبيثة التي يعملون عليها ، وهذا هو أهم ما جعلني أقدم على اختيار الموضوع ، وأسوقه في بحثي هذا حسب ما قسمته في الخطة التي بدأته على منوالها ، وهي كالتالي :
المقدمة : وفيها بيان سبب اختيار الموضوع .
الباب الأول : المرأة في الحقيقة والواقع .
الفصل الأول : ثورة الإسلام للمرأة في الجاهلية والديانات السماوية المحرفة ، وحقيقتها في الغرب .
الفصل الثاني : مبررات وأسباب الغزو الفكري  .
الباب الثاني : الغزو الفكري للمرأة : الخطوة والحل .
الفصل الأول : مظاهر وآثار الغزو الفكري للمرأة .
الفصل الثاني : المواجهة والحلول .
الخاتمة : وفيها تلخيص عام لما قدم لهذا البحث ، وكيف قدم له .
فهذا ما من الله به علي في تحديد ما كتبته ، وله الحمد والفضل أولاً وأخيراً .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم




الباب الأول : المرأة في الحقيقة والواقع .
الفصل الأول : ثورة الإسلام للمرأة في الجاهلية والديانات السماوية المحرفة ، وحقيقتها في الغرب .


المتطلب الأول : ثورة الإسلام للمرأة في الجاهلية والديانات السماوية المحرفة .
إن أول ما نتطلع إليه في تناول قضايا المرأة المختلقة عند تأصيلها هو وضع المرأة في الإسلام ؛ لكي يتبين كذب تلك المزاعم حين نعتمد على الحق المسلم به لدينا .
فعندما أتى الإسلام قبل أربعة عشر قرناً كانت من مبادئه ثورة على وضع المرأة آنذاك وتحريرها من القوانين العشوائية البدائية من جهة الجهل ، والقوانين المبتدعة باسم الإله بعد تحريف الكتب السماوية من جهة الكذب والافتراء ، فكانت الخطوات التي سار عليها تستند إلى إحلال تلك القوانين المفروضة عليها قسراً أولاً ، ثم ترسيخ القوانين التي تتناسب وخلقتها التي هو أعلم بها .
وكان ذلك على مدار نزول الوحي ووفق منطقيته التي أحلت العقائد الباطلة بعقيدة التوحيد الخالص حتى استقر في قلوبهم ، ثم تدرجت في تشريع العبادات والمعاملات بكافة أشكالها على وقائع متفرقة ، والتي كانت منها قضايا المرأة ؛ إذ أقرت حقها بالحياة ابتداءً حتى تستنفذ لها كل أسباب الكرامة فيما بعد :
قضية الوأد : كان أول ما ابتناه الناس عصر ما قبل الإسلام أن المرأة أدنى من الرجل وبذلك فهي تشكل عبئاً معنوياً لا يطيقونه ؛ فكانوا ابتداءً يستاءون عند ولادتها قال تعالى : ) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ([1] ، ثم يدفنوها وهي حية قال تعالى : ) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ([2] ، فأنكر الإسلام عليهم الأولى وأقر الاستبشار بها نعمة من الله عليهم والمثوبة على الإحسان إليها قالت عائشة زوج النبي r : (( جاءتني المرأة معها ابنتان تسألني فلم تجد عندي غير تمرة واحدة فأعطيتها ، فقسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت ، فدخل النبي r فحدثته فقال : من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ))[3] ، وجرّم الثانية وعظّم تلك الأنفس التي ذهبت بالتكفير عنها لمن دخل الإسلام لكل واحدة رقبة قال عمر y في قوله تعالى : ) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ( (( جاء قيس بن عاصم إلى النبي r فقال : يا رسول الله إني وأدت ثمان بنات كن لي في الجاهلية ، قال : فأعتق عن كل واحدة منهن رقبة ، قال : يا رسول الله إني صاحب إبل ، قال : فأهد عن كل واحدة منهن بدنه إن شئت ))[4] ؛ إذ لم تدخل ضمن نطاق التوبة العامة بتبديل السيئات حسنات ، وحرم كل ما ينبئ عن ذلك من أفعال تقهر إنسانيتها .
قضية الإنسانية : فهي إن عاشت لا تصل لدرجة الإنسانية فكانوا يسيرونها في الحياة كأي متاع آخر قال تعالى : ) يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاءَ كَرْهاً ([5] ، ويساوونها بمنزلة الخدم ، ويحرمونها من بعض الطيبات قال تعالى : ) وَ قَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَ إِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شرَكَآءُ ([6] ، وتبتذل نفسها في طلب الرجل حتى على حساب علاقاتها الأسرية قال تعالى : ) وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ([7] ، وقال : ) وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ([8] ، بل يعتبرها اليهود والنصارى لعنة أخرجت آدم من الجنة فعوقبت بالطمث والحمل والولادة ، ويتدارسون كنهها ومآلها ويحرمون التعامل معها ، فأتى الإسلام بمساواتها بالرجل تكاملاً لا نداً ؛ إذ خلقهما من نفس واحدة قال تعالى : ) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ([9] ؛ فتشترك معه في الحقوق والأحكام والحساب كلٌ على طبيعته قال تعالى : ) وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ([10] ، ثم بين قدر الرجل منها بالقوامة تكليفاً له لا تشريفاً وحماية لها لا استنقاص قال تعالى : ) وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ([11] .
قضية الملكية : ولما كانت المرأة في العصر الجاهلي لا تصل لمكانة الرجل ، وتسير في الحياة كأي متاع آخر كانت تحرم من التوريث ؛ فلما أثبت الإسلام إنسانيتها أحل لها ذلك بضوابط معينة لحكمة وظيفتها الحياتية قال تعالى : ) وَلَا تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ([12] ، وأثبت لها الحقوق المرتبطة بذلك من بيع وشراء وتوصية .
المتطلب الثاني : حقيقة المرأة في الغرب .
إن المتطلع إلى وضع المرأة في الغرب يجد شمولية المساواة التي جاء بها الإسلام على غير أساس يحكم لطبيعتها ما يوافقها ؛ فتشترك مع الرجل نداً يقاسمه الحياة وفق ما يقوم به تماماً ، بالإضافة إلى ما يكون لها من دور عائلي فتهمله لأجل ذلك ، أو تحرم منه لاضطرارها ممارسة الدعارة التي تقتضيها تلك المساواة ، وهي برغم ذلك كله لا تصل لمستويات الرجل التعليمية والوظيفية ، ولا تنال نصف ما يكتسبه أجراً عليها ؛ فتضطر بهذا لإيجاد حلول لذلك الوضع والسعي وراء مطالب يستحثها ؛ فهي إن نادت بدور الحضانة مثلاً كلفها ما تحصله من عملها فتنادي بتكفل المؤسسات العامة بها .
وذلك تطبيق عشوائي لقوانين وضعية إن ادعت الكمال ، ولا يتجاوز تطبيقها بحذافيرها إلا ثورة جديدة لحقوق الرجال من انتهاكات المرأة لها .

  
الباب الأول : المرأة في الحقيقة والواقع .
الفصل الثاني : مبررات وأسباب الغزو الفكري  .

  
إننا عندما نتكلم عن مبررات الغزو الفكري للمرأة فإنا نبين ادعاءاتهم في ذلك من جهة ، وما يسعون وراءه من جهة أخرى .
فقد بدأ الغرب في بسط نفوذهم التحرري للمرأة بأنه مبدأ إنساني مشترك لا تمييز حضاري يختصون به ، وهو ما لا يثبته التاريخ الذي فارق في وضع المرأة عند الطرفين ، ولا يقره المنطق الذي يصف المبدأ المشترك بعدم تعارضه مع أي عقيدة أو دين .
وعندما ننظر إلى القضايا التي ابتنوها سبباً يوجهون من خلاله كل القوانين التي تحلها ، وتناصر المرأة فيها بفرض حقوق لها نجدها هي نفس ما جاء الإسلام للمرأة من أجلها سوى أن الأول وضع بشري قاصر يناقض تشريع رباني كامل بشبهات زائفة ، وتبرز في ما صرح به أرباب هذا التوجه المشرقيين :
1 ـ الحجاب : حيث يرونه تقييداً للمرأة من أن تمارس حقوقها على الوجه المفروض لها ، وتناقضاً مع متطلبات الحياة الحديثة ، وأنه تطرفٌ ورجعية في ظل الحضارة والتقدم ، وبغض النظر عن كونه تشريع إسلامي نجده فطرة تلتزمها المرأة على مر العصور أياً كان وضعها إلا ما شذ عنها في قليل ؛ فالحرب عليه انتكاسة بها وخروجٌ عن ما تقتضيه طبيعتها أبد الحياة ، فلا الزمن والعلم يشفع لهم بذلك .
2 ـ حصر المرأة في المجالات البسيطة : فهم لا يرون لشؤون البيت والتربية مقاماً وظيفياً يسابق ما يقوم به الرجل ، وبذلك يرون المرأة مغلوب على أمرها ومحتقرة به حتى تشارك الرجل في الخروج من البيت في أي أمر تتسم به بعدها بالتأثير ، ونسوا بذلك أنها المؤثر الأول في الأمة متى ما استقل بها أبناؤها ، وفي النظير لما يرونه فإن الرجل ينحصر عما تتميز به المرأة من وظائف .
3 ـ تعدد الزوجات : عندما اتخذوا هذا سبباً فهم من يرونه من جهة استنقاص المرأة على غير الأسس التي قننها الإسلام حين أحله ، فيناقشونه من أمور سطحية تتمثل في أحقية المرأة باستفرادها بالرجل ، أو مشاركته في التعدد من جنسه ، ولو نظرنا إلى تاريخ هذا التشريع نجده نزل في ظروف تتأتى سبباً له حين فقدت الأسر عائليها بسبب الحروب القائمة في سبيل الله ، ولأن القرآن صالح لكل زمان ومكان نجده أولاً مناسب للظروف الخَلْقية لكلا الجنسين ، وبشروط لا تحرمه إن فقدت وإنما تستدعيه إذا وجدت فيتمثلا التشريع الرباني بالقدرة على العدل والإنفاق والتربية وطلب الولد .
4 ـ الطلاق : حينما يرونه انتهاكاً لحقوق المرأة ، وتسيطر عليها بعدم استطاعتها دفع ذلك أو رده فإنهم يحيكون من جانب واحد على غير دعائم تُصدق ما يقولون ، إذ هم أولاً بهذا ينتهكون من حق الرجل على دليلهم ؛ فكيف للحياة أن تستمر برضا طرف واحد ؟! ثم إن كان للرجل حق الطلاق فلها حق الخلع ، ورد الرجل أو قبوله قبل ذلك كله .
وإننا عندما نناقش في تلك المسائل أو غيرها فإنا نأتيهم على قدر ما يتزعمونه لصد الشبهات أولاً عمن قد يتغرر بهم ، ولسد الثغرات عما يعتقدون سهولة الخوض فيه ثانياً .
فهم إذ يناقشون في ذلك لا يعتقدون للمرأة فيه ما ينطقون عنه ، بل لمآرب قد تغيب عمن حرم الحقيقة ووصم بانتكاس الفطرة ، ولا أظنها أبداً تخفى على ذي لب ، ونستطيع إبراز أهمها كالتالي :
1 ـ الحقد الدفين على الإسلام : فمهما تستروا بشعارات جذابة ودعاوى رنانة لا يخفى ما يرمون إليه إما بأدلتهم العشوائية أو تصريحاتهم الخفية ؛ فهم حينما استنفذوا ما يريدونه من علم ورقي ، وتحققت لهم أسباب الحضارة التي انحرفت عند المسلمين يخشون قيامها من جديد من أبسط الطرق .
2 ـ  القضاء على القرآن : فهم يعتبرونه نداً لأديانهم لا يستطيعون مواجهته ، وعقبة أمامهم تحول دون أسباب السيطرة على بلاد الإسلام من كل الوجوه ، فإذا ما نالوا منه فإنهم يسلبونه من القلوب ويدثرونه بالتراب بزعمهم .
3 ـ إحلال الفساد : فهم إذ ينادون للمرأة بكل أسباب الحرية والكرامة ليس إلا يلبسونها أسباب الدعارة والمجون التي تمتص همم الرجال ووظائف النساء ، فتنتزع منهم ما يردع أطماعهم التي يستهدفونها أولاً .
4 ـ التشكيك في الإسلام : فحينما يواجه المسلم شبهاً في المسلمات لديه ، ولم تتوفر لديه أسباب الثبات التي تفندها فقد تَسلب منه ما ارتكز عليه قلبه من عقيدة صافية تشربها عقوداً من الزمن .



الباب الثاني : الغزو الفكري للمرأة : الخطوة والحل .
الفصل الأول : مظاهر وآثار الغزو الفكري للمرأة .



يتجلى الغزو الفكري للمرأة في مظاهر عديدة تتدرج في ظهورها حتى اليوم ؛ فحينما قامت دعوة التحرير في مصر على يد أربابه الذين تتلمذوا ذلك تنفيذاً للخطط المرسومة بداية في مصر من هدى شعراوي التي أحرقت الحجاب زعماً للسفور السليم الذي يحارب الفجور فيما بعدها ، وقاسم أمين الذي تبنى مناقشة القضايا التي تفند العادات الاجتماعية بزعمه ، وغيرهم الكثير حتى اليوم ينتصبون مقامهم إرثاً حضارياً عنهم يعتقدونه ويحافظون عليه تكونت الرؤية عن هذا المخطط وأساليبه ، وبات ظاهراً ما يرمون إليه من وراءها في السير بنا على تلك الخطى حتى وإن اضطروا البدء من جديد .
فبالرغم من ذلك يتجاوز العامة هذه الرؤية بتقبل تلك الأساليب غفلة وكِبراً واستنفاذ أسباب السيادة كما زعمها الغرب لهم ، حتى ليُخشى كونها عادات وعرف لا يُنكر على صاحبها متى ما تمثلها .
وقد رتبت تلك الأساليب والمظاهر وفق ما أراه وعشت بعضه من عصر قريب وواقع محيط ، وما تؤكده المراجع المعاصرة كالتالي :
1 ـ نزع الحجاب : التي تتبدى مظاهره بالتدرج في العباءات عن طريق تشكيلها وتحديد وصفها أزياء معينة كما لو كانت معدة لسهرات ليلية ، فتقتضيها الفتاة وتلتزم حدودها التي تحظر مثلاً تغطية كل الوجه أو حتى بعضه ، ثم هذا الذي يسمح لها بذلك يتيح لها المفروض مستقبلاً من غير رقابة ذاتية تزرع منذ الصغر تغني عن ملاحقة الرقيب الذي قد يبدو حتى هو راضياً بكل أسف .
فإنه لا يغيب عن ذي لب أن هذه أخطر خطوة اقتنصونا من خلالها ؛ فما الفتنة للرجل إلا المرأة إن سلبته عقله من جهة ، وحرمت زينتها من ينبغي أن تكون له من جهة أخرى ، وهو الفساد بعينه .
2 ـ نزع الحياء : وقد دخلوا على ذلك عن طريق اللباس الذي يستنفذون فيه خطة الحجاب بالتدرج والتقصير من الأكمام والذيل حتى تصبح قطعة قماش لا تتعدى أشباراً ما تبقي وما تذر ؛ وهو عين الانتكاسة بالفطرة باستدعاء أسباب الشذوذ ، والحياء من أهم الصفات التي تهيأ المرأة لإدارة أسرة تخدم الأمة بها ، والتي هي إن قضت لم يتزن رأيها ولم يرصن قولها ؛ فإن هي مسكت أفسدت وإن هي تركت أضاعت .
3 ـ القضاء على البيت : فإذا هم لم يقدروا عليها من طرق فإنهم يغرونها بالعمل الذي تسجله إنجازاً في حياتها ، وليس في ذلك حرج سوى أنهم من جهة يسيرونها وفق خطط منظمة على الأنظمة الحديثة التي تبقيها خارجاً أكثر من الداخل ، أو يغريها الخروج بالكثرة منه في أمور مبتذلة لا تتطلب الحياة إلا قليلاً منها أو ربما كلها من جهة أخرى ، وبهذا تكون قد أهملت حتى تصل لهدم ما ينبغي أن تكون عليه المرأة وفق الفطرة من إعفاء عن الحرام وتربية عظيمة تواجه ما يفسدون فيه .
4 ـ نشر الملهيات : وقد لا نقف في هذا إن استرسلنا فيه ؛ فالواقع يحكي ما سيطروا عليه من خلالها ، وتتمثل بعضاً لا كلاً في ما يلي :
أ ـ الإعلام الفاسد أولاً من خلال المسرحيات والمسلسلات والأفلام التي تتجاوز حدود الحياء ولا إنكار عليها حقيقاً ؛ فلا تراه بأساً أن تنشغل به لتقضي على ما تدعيه من وقت فراغ ، وأنى ذلك بترك المهام أصلاً فضلاً عن وقت الفراغ الذي يَحرم عليها أن تقضيه بذلك فيفسد لبها الذي يجب أن يربت في مواجهة ذلك لا تشربه .
ب ـ ثانياً من خلال الأخبار والوقائع وما يحدث في العالم من حولها ؛ حتى إذا رأت ما قد انتهوا إليه من الفساد في الشوارع العامة وهو لم يبدأ عندها تحسه أمراً حسناً ، فتستسيغه ويتأثر من تحت يدها به فإن لم تطبقه بعد عقود طويلة طبقوه هم .
ج ـ الشبكة العنكبوتية التي لا تكاد سلطة لها القدرة أن تسيطر عليها فينفتح العالم بأسره لديها ، فإن تحرزت من المحظور من جهة وجدته أمامها من جهة أخرى بطرق خبيثة قد تستدرجها إلى ما يُغيب عقلها عن واقعها الذي يجب أن تنتصر له ، وإن هي عُصمت منه بأسباب الاستغلال الجيد فإن الوقت رهينها الذي إن وجهت جله إليها قضت عليه .
د ـ وسائل التقنية الحديثة المسيرة لذلك وتكاد تنحصر في أجهزة الهاتف النقال المتمثلة حديثاً في التوت الأسود والآيفون والجالكسي الذي أبدعوا فيها لطرق علمية ؛ وكانت سياسة استهلاكه سلبية تفند ما وجد لأجله ، ولعل من أهمها ضياع الوقت أو تضييعه بالمحادثات التي لا طائل لها في أقل الواجب وصلاً لقريب أو نصيحة لحبيب أو علماً تدفع به أسباب الجهل بذلك ، بل قصصاً لا أصلاً لها ونكتاً لا جدوى منها حتى يُجرأ فيها الاستهزاء بالدين لأجل الضحك فقط ، وما بعد الدين إن هي خرجت منه ؟ فكيف إن كانت في صفوف المربيات التي تحمل في عنقها تعليم الإسلام لمن هم تحت يدها .
ج ـ التجميل بكل وسائله حتى سيطروا به على تفكير المرأة ، فأصبح لسانها الذي تسأل وتجيب عنه وبه وتفرد به علماً تتفضل به على بنات جنسها ، فتلهيهن عما يجب عليهن في بيوتهن إلى ما قد يتجاوز عن المألوف بالاستئثار به على الأمور الأخرى في حياتهن ، وإنه لا بأس بقليله في حدود المشروع بعيداً عن الاختلاف مع ما يتوافق مع فطرتها الذي هي إن أجحفت فيه وحادت عنه تسقط به حقوقاً أخرى عليها .
5ـ نشر الفكر التحرري : وذلك بإشاعته على لسانها بين بنات جنسها كامرأة تعرف حقوقها ـ المزعومة ـ وتطالب بها حتى وإن لم تصب منها الأساليب الأخرى فإن ذلك كفيل بإفساد كماً من الفتيات من حولها ، وقد يتدرج بها إلى غيرها فتَفسد وتُفسد .
وذلك أنموذج لما أعدوه على نطاق ضيق يقصد المرأة التي لم تَفلت من ضوابطها كلية انبهاراً بما ينادي به الغرب ، فاستعملوا بموجبه خططاً دقيقة تفتل الغزل تدريجياً وبتآمر ماكر يختبر أداءه في ذلك .
وإن كل ذلك كافٍ لدواعي انهيار الأمة من جهات عدة تطال كل جوانب الحياة اجتماعية وعلمية واقتصادية وسياسية .
وإني عندما أسرد هذا محذرة لا يعني انتقاصي لعقلية المرأة في مواجهة ذلك وتكريماً لعقلية الرجل ؛ فأنا من جنسها وأعلم ما لي ولها ، ولكن لأني استفردت بها في ما كلفت به من موضوعات الغزو الفكري ، وطبيعتها تقتضي علي أن أوجه بذلك ، ولعلي أُكثر من ( قد ) في ما تطرقت إليه ؛ فإن كانت فاطمة رصينة العقل متزنة فزينب تغلبها عاطفتها وتستهويها مظاهر الحياة البراقة كما لمعوها ، فإن لم تكوني منهن فلا تعتبي علي بما وجهت به ؛ فقد كنت مثلكِ أغالي على من يستفردون بالمرأة حديثاً خاصاً بهذا حتى عاينت وواقعت ، ولعله مني كفتاة أوفى وأصدق من رجلٌ يتجرد قليلاً من الواقعية .



الباب الثاني : الغزو الفكري للمرأة : الخطوة والحل .
الفصل الثاني : المواجهة والحلول .

  

وإنا حين استنفذنا أبرز المظاهر التي تتمثل لنا واقعاً في خطوات تحرير المرأة ينبغي لنا أن نستفردها دراسة لإيجاد الحلول ، ولست هنا بصدد المصلحة الاجتماعية لأقوم بذلك المشروع ، ولكن حسبي ما يجب علي بقليل من وظيفتها لأرفع الحرج عمن وقعت كما قد أكون قد أقمت الحجة عليها ـ بإذن الله ـ في ما سردته من مظاهر ، وسوف أسوقها وفق ما أدرجت المظاهر كالتالي :
1 ـ تقوية الوازع الديني وزرع الرقابة الذاتية ، واستحكامهما في قبول أو مواجهة ما يرد من وسائل تغريبية إلينا ، ونشر هذه الثقافة في أوساط الفتيات التي تخالطهم .
2 ـ الالتزام بالحجاب المحتشم بشروطه التي تحقق له هذا الوصف ، والاعتزاز به في ريادة المجتمع وخارجه .
3ـ التزام اللباس الساتر الذي ينم عن حياء الفتاة ويدخلها في دائرة الطاهرات اللاتي يستعلين عن ما يخرم حياءهن ، ويهيأ لهن أسباب الكفاءة في الدور الأسري .
4 ـ التوازن في أداء الحقوق والواجبات بين المنزل وما يجانبه من عمل ؛ فلا تعطي للثاني على حساب الأول ولا تفرط بالثاني وقد اقتضته واجباً عليها .
5 ـ رسم خطة منظمة للوقت تتضمن ما يحق لها من جوانب الترفيه والثقافة المتمثلة غالباً في الإعلام في إطار المسموح .
6 ـ استغلال التقدم التقني في ما يحسب للخير بأي وجه مشروع ؛ حتى تنقلب الآية عليهم والنفع لنا .
7 ـ استخدام وسائل التقنية الحديثة في حدود المشروع وما قد يفضي إلى الكمال من جوانب المفروض والسنن والتقليل من المباح وترك ما يتجاوز ذلك كبيراً أو صغيراً .
8 ـ الحرص على المظهر الحسن الذي يليق بمنزلة الفتاة المسلمة ؛ فلا تفرط فتضيع هيبتها ولا تمسك فتُنفر منها .
9 ـ التحرز من الأقاويل والشعارات البراقة التي إن قبلت بسماعها تُنقش في عقلها وتبذر لفكر يفتك بما تعتقده في دينها ، والعمل على مواجهتها بالأدلة الواضحة والحجج الدامغة .
وإن الفتاة حين تمتثل الدين في كل شأنها ، وتحتكم إليه في كل الأمور بما يرد من فعل أو قول أو وسيلة فتقبل أو تدحض لَيدل على وعي كامل ونفس عميقة وروح سامية تنبئ عن جهودٍ عظيمة من التربية مرت بها ، وقناعة لا تتزحزح في غياب الرقيب ، فترسم بذلك أنموذجاً مبهراً وسط تقليد أعمى وتبعية صماء ؛ فالقابض على دينه كالقابض على الجمر .
الخاتمة
وفي ختام هذا البحث أصوغ ما قدمت فيه من مواضيع مترتبة كنقاط حسب التالي :
1-   وضع المرأة في الإسلام والغرب .
2-   مبررات وأسباب الغزو الفكري للمرأة .
3-   مظاهر وآثار الغزو الفكري للمرأة .
4-   تقديم الحلول في مواجهة تلك الحملة .
ألحقت مع هذا البحث الخطة التي رسمتها له ، وذكرت المصادر والمراجع التي استعنت بها بعد الله ، وبدأته بمقدمة أوضحت فيها سبب اختيار هذا الموضوع ، وأدرجت فيها خطة العمل ، وختمته بخاتمة بينت فيها بعض ما كلف في إعداده ، وتلخيص عام لما قدم فيه ، ثم بعد ذلك ختمتها بالحمد والشكر لله أولاً وأخيراً .
وأخيراً فإني أرجع الفضل لله U أولاً وأخيراً ، وذلك ما من علي به في ترتيبه وسياقه بهذه الطريقة ، والتي أرجو أن تكون منظمة وسلسة ومنطقية ترضي الله أولاً ، ثم كل من أقدم على قراءته والاستفادة منه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم



[1] النحل : 58 .
[2] التكوير : ٨ .
[3] صحيح البخاري : ج8 . ص7 .
[4] تفسير القرطبي : ج19 . ص233 .
[5] النساء : ١٩ .
[6] الأنعام : ١٣9 .
[7] الأحزاب : ٣٣ .
[8] النساء : ٢٣ .
[9] الأعراف : 189 .
[10] البقرة : ٢٢٨ .
[11] البقرة : ٢٢٨ .
[12] النساء : ٣٢ .



إعداد الطالبة
نورة بنت عبيد العبيد

هناك تعليق واحد:

  1. الحمدلله ان اعزنا بالإسلام...بحث راائع سلمت الانامل

    ردحذف